فصل: ما يُفعل بالمسلم إذا مات في بلاد الكفر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.صفة دفن الميت في البحر:

دفن الميت له ثلاث حالات:
في المقبرة، أو البر، أو البحر.
فأما في البحر فإن الميت يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ثم يلقى في الماء، وذلك إذا خيف عليه من التعفن.
وإن كان الجو بارداً، أو السفينة قريبة من الساحل، أو وجد مكان لحفظه في ثلاجة ونحوها، فالأولى أن يبقى ثم يدفن بعد الوصول في المقبرة.
وإن مات الإنسان في البر، ولم يمكن حفر القبر له، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، ثم يوجه إلى القبلة على جنبه الأيمن، ثم يجمع عليه التراب والرمل والحجارة حتى يوارى جسمه عن السباع والطير.
وإن مات المسلم في بلدٍ دُفِن في مقابر المسلمين كما سبق.


.صفات الدفن:

للدفن صفتان:
صفة مجزئة، وهي أن يوارى الميت بالتراب.
صفة كاملة، وهي أن يُحفر له قبر، ويعمَّق، ويوسَّع، ويُلحد له كما تقدم.

.حكم دفن الأموات في قبر واحد:

السنة أن يدفن في القبر ميت واحد من المسلمين.
يجوز دفن اثنين فأكثر في قبر واحد عند الضرورة، كأن يكثر القتلى أو الأموات، ويقلّ من يدفنهم، ونحو ذلك من الأعذار.
إذا دُفن في القبر أكثر من واحد فيقدم إلى القبلة الأكثر حفظاً للقرآن، والأفضل، والأسن.
لا يجوز دفن المسلم مع الكافر، ولا تدفن المرأة مع الرجل في قبر واحد إلا عند الضرورة، ويجعل بينهما حاجز من تراب، ويقدم الرجل عليها إلى القبلة.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذاً لِلْقُرْآنِ». فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ القِيَامَةِ». وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. أخرجه البخاري.
يجوز دفن الميت في قبر ميت آخر إذا صار رميماً، وتعذر مكان آخر.

.حكم حفر القبر قبل الموت:

لا يشرع للمسلم أن يحفر قبره قبل الموت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا أصحابه رضي الله عنهم، والعبد لا يدري متى وأين يموت، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
ويجوز حفر القبور العامة من دون تعيين مَنْ يُدفن فيها.

.حكم الموعظة أثناء الدفن:

يسن لكبير القوم وعالمهم أن يذكِّر الحاضرين أثناء دفن الميت أحياناً بما يناسب الحال، بذكر الموت وما بعده من الأهوال، من غير نياحة على الميت أو ذكرٍ لمآثره.
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، إِلاَّ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ قَدْ كُتِبَ: شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ العَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ؟ قَالَ: «أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ». ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}. متفق عليه.
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ محمد صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَداً مِنَ الجَنَّةِ». قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَيَرَاهُمَا جَمِيعاً، وَأَمَّا الكَافِرُ، أَوِ المُنَافِقُ: فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ: لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ». متفق عليه.

.حكم نبش القبور:

يحرم نبش قبر الميت المسلم لغير سبب شرعي؛ لأن قبره وقفٌ عليه ما دام فيه.
ويجب نبش القبر في الأحوال الآتية:
إذا لم يغسل الميت، أو لم يكفن، أو دفن لغير القبلة، وهذا إذا لم يتغير، أما إذا تغير فلا ينبش.
إذا دُفن المسلم في مقابر الكفار ما لم يتغير.
إذا دُفن الكافر في مقابر المسلمين حتى ولو بعد التغير؛ لأن الكافر لا حرمة له.
إذا دُفن الميت في مسجد ونحوه كمدرسة ورباط، سواء كان قبل التغير أو بعده.
إذا سقط في القبر أثناء الدفن مال أو متاع ولم يتمكن من إخراجه إلا بالنبش، فله نبش القبر لأخذ ماله.

.حكم الجلوس على القبر:

لا يجوز الجلوس على القبر، ومن جلس عليه فهو آثم.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ». أخرجه مسلم.
وَعَنْ أبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «لا تَجْلِسُوا عَلَى القُبُورِ وَلا تُصَلُّوا إِلَيْهَا». أخرجه مسلم.

.حكم إخراج الميت من القبر لعلة:

إذا دُفن الميت في قبره فلا يجوز إخراجه منه إلا لغرض صحيح، كأن يكون قد دُفن قبل غسله وتكفينه، أو دفن إلى غير القبلة، أو غمر قبره الماء، أو دُفن في مقابر الكفار ونحو ذلك من الأسباب.
المقابر دار الأموات ومنازلهم، ومحل زيارتهم، وهم قد سبقوا إليها، فلا يحل نبشهم من قبورهم إلا لسبب شرعي فيه مصلحة الحي والميت.
عَنْ جَابِر بن عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: أَتَى رَسُولُ عَبْدَالله بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَمَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاساً قَمِيصاً. متفق عليه.
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ. أخرجه البخاري.

.حكم من دُفن ولم يغسل ولم يصل عليه:

من دفن من المسلمين ولم يغسل ولم يصل عليه فإنه يُخرج ثم يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن، ما لم يتغير فيصلى عليه في قبره ولا يُخرج.
إذا لم يوجد من الميت المسلم إلا بعضه فإنه يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن، والعضو المقطوع من المسلم الحي لا يجوز إحراقه ولا يغسل ولا يصلى عليه، لكن يلف في خرقة ويدفن في المقبرة.

.حكم البناء على القبر:

يحرم البناء على القبر، وتجصيصه، وصبغه، وتبليطه، ونثر الورود عليه، وإيقاد السرج عليه، والكتابة عليه، وتحرم الصلاة عنده، واتخاذه مسجداً، والطواف به، والصلاة إليه واتخاذه عيداً، وذلك كله شرك، أو من وسائل الشرك.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: نَهَى رَسُولُ أنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ. أخرجه مسلم.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ أمَّ حَبِيبَةَ وَأمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأيْنَهَا بِالحَبَشَةِ، فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إنَّ أولَئِكَ، إذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِداً، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ الله يَوْمَ القِيَامَةِ». متفق عليه.

.حكم دفن الميت في المسجد:

السنة دفن المسلم في المقبرة، ويحرم دفن الميت في المسجد، وإذا دُفن المسلم في المسجد فإنه ينبش ويدفن في المقبرة.
يحرم على المسلم أن يصلي في مسجد فيه قبر، فإن صلى فالصلاة صحيحة مع الإثم، ويجب على المسلم أن لا يصلي في مسجد فيه قبر؛ حماية لمقام التوحيد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّرَسُولَ الله قال: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». أخرجه مسلم.

.حكم بناء المسجد على القبر:

لا يجوز بناء مسجد على قبر، ولا يجوز دفن ميت في مسجد، وإذا حصل ذلك: فإن كان المسجد بُني قبل الدفن سُوِّي القبر، أو نبش إن كان جديداً، ودفن في المقبرة، وإن بُني المسجد على القبر، فإما أن يزال المسجد، وإما أن تزال صورة القبر.
وكل مسجد بني على قبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قال رَسُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». قَالَتْ: فَلَوْلا ذَاكَ أبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أنَّهُ خُشِيَ أنْ يُتَّخَذَ مَسْجِداً. متفق عليه.

.ما يقال للميت في القبر:

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «إِذا قُبرَ المَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا المُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ فَيَقُولاَنِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ هُوَ عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولاَنِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذا، ثمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً فِي سَبْعِينَ ثمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ. فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبرُهُمْ فَيَقُولاَنِ نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لاَ يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقاً قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثلَهُ لاَ أَدْرِي، فَيَقُولاَنِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذلِكَ فَيُقَالُ لِلأَرْضِ التَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاَعُهُ فَلاَ يَزَالُ فِيهَا مُعَذباً حَتَّى يَبْعَثهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذلِكَ». أخرجه الترمذي.

.حكم الدفن في التابوت:

التابوت: صندوق من خشب أو حجر ونحوهما يوضع فيه الميت.
وللدفن في التابوت حالتان:
الأولى: أن يكون لحاجة أو مصلحة، كما لو تهرى الميت لغرق أو حريق ونحوهما، وتعذر جمعة في غير التابوت، فهذا جائز.
الثانية: أن يكون لغير حاجة، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من التشبه بالنصارى، وإضاعة المال، وترك السنة.

.ما يُفعل بالمسلم إذا مات في بلاد الكفر:

من مات في بلاد الكفر دفن في مقابر المسلمين.
فإن لم توجد نُقل إلى بلاد المسلمين إن أمكن، فإن لم يمكن دُفن في فلاة من الأرض، ويُخفى قبره؛ لئلا يتعرض له الكفار بأذى.

.مكان الدفن عند اشتباه الموتى:

إذا اختلط موتى المسلمين بالكفار، ولم يمكن التمييز بينهم، فإنهم يدفنون في مقابر منفردة، سواء كثر المسلمون أو قلوا.
فإن لم يمكن دفنوا جميعاً مع المسلمين، احتراماً لمن فيهم من المسلمين.

.حكم نقل الميت من بلد إلى آخر:

نقل الميت من بلد إلى آخر له ثلاث حالات:
إذا أدى النقل إلى تغير الميت أو انتهاك حرمته، فهذا يحرم.
إذا كان لنقله ضرورة كمن مات في دار حرب، أو في مكان يُخاف عليه من نبشه، أو حرقه أو المثلة به، فهذا يجب.
إذا كان لنقله غرض صحيح، ولم يكن فيه انتهاك لحرمته، أو تعرضه للتغير، أو مشقة على من يتولى نقله، فهذا يجوز.

.صفة دفن الكافرة الحامل من مسلم:

إذا ماتت كتابية تحت مسلم وهي حامل، ومات جنينها في جوفها، فإنها تدفن منفردة عن مقابر المسلمين ومقابر الكفار، ويكون ظهرها إلى جهة القبلة على جنبها الأيسر؛ ليكون وجه الجنين إلى القبلة.

.8- التعزية:

التعزية: هي ترغيب أهل الميت بالصبر احتساباً للأجر، والدعاء للميت والمصاب.

.حكم التعزية:

يسن للمسلم تعزية أهل الميت بما يسليهم، ويكف من حزنهم بذكر الآيات والأحاديث التي تحملهم على الصبر والرضا بما قدر الله، واحتساب الأجر.
تجوز تعزية الكفار من غير دعاء لميتهم إن كانوا ممن لا يظهر العداء للإسلام والمسلمين، ويدعو لهم بالهداية، ويرغبهم في الإسلام.

.مكان التعزية:

تسن تعزية أهل الميت وأقاربه في أي مكان:
في المصلى، والمسجد، والمقبرة، والبيت، والسوق.
يجوز أن يجتمع أهل الميت في بيت أو مكان فيقصدهم من أراد التعزية، ثم يعزيهم وينصرف.

.وقت التعزية:

تسن تعزية أهل الميت قبل الدفن أو بعده.
والتعزية ليس لها حد ولا أيام محدودة، فمتى علم بالميت، ورأى الفائدة في التعزية أتى بها.

.صفة التعزية:

الأولى أن يعزي المسلم أهل الميت بالدعاء الوارد شرعاً، وله أن يعزيهم بما شاء من الألفاظ التي تسليهم، وتكف من حزنهم، ومن الأدعية الواردة في التعزية:
«إنَّ لله مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأجَلٍ مُسَمّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ». متفق عليه.
«اللهمَّ اغْفِرْ لأبِي فُلانَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ». أخرجه مسلم.

.حكم البكاء على الميت:

يجوز البكاء على الميت إن لم يكن معه ندب أو نياحة، ودمع العين من الرحمة التي يجعلها الله في قلوب عباده الرحماء.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وَكَانَ ظِئْراً لإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَم، فَأَخَذَ رَسُولُ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ». ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ». متفق عليه.
يحرم شق الثوب، ولطم الخد، ورفع الصوت بالندب والنَّوح.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأتَى رَسُولُ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِالله بْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي غَشِيَّةٍ، فَقَالَ: «أقَدْ قَضَى؟» قَالُوا: لا، يَا رَسُولَ الله! فَبَكَى رَسُولُ. فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ رَسُولِ الله بَكَوْا. فَقَالَ: «ألا تَسْمَعُونَ؟ إِنَّ اللهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا-وَأشَارَ إِلَى لِسَانِهِ- أوْ يَرْحَمُ». متفق عليه.
يسن أن لا يزيد البكاء على الميت أكثر من ثلاثة أيام.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثلاَثاً أَنْ يَأْتِيَهُمْ ثمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: «لاَ تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ اليَوْمِ» ثمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي» فَجِيءَ بنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ فَقَالَ: «ادْعُوا لِيَ الحَلاَّقَ» فَأَمَرَهُ فَحَلَقَ رُؤوسَنَا. أخرجه أبو داود والنسائي.
الميت يتألم ويتكدر في قبره إذا نيح عليه، وترك أهله الدعاء له، ولكنه لا يعاقب بفعلهم إلا إذا أوصاهم بالنياحة عليه.
قال الله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [164]} [الأنعام:164].
وَعَن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ». متفق عليه.

.حكم إطعام أهل الميت:

يسن لأقارب الميت وجيرانه وأصدقائه أن يصنعوا لأهل الميت طعاماً، ويبعثون به إليهم؛ لأنه أتاهم ما يشغلهم.
ويكره لأهل الميت صنع طعام للناس واجتماعهم عليه، وإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز كقدوم ضيف من خارج البلد.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ». متفق عليه.
وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ: قَالَ رَسُولُ: «اصْنَعُوا لآِلِ جَعْفَرٍ طَعَاماً فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ أَوْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ». أخرجه أبو داود وابن ماجه.